[right]سعد بن عبادة الأنصاري
مقدمة
هو سعد بن عبادة بن دليم بن كعب بن الخزرج الأنصاري سيد الخزرج: يكنى أبا ثابت وأبا قيس وَكَانَتْ أمّه عمرة بنت مسعود من المبايعات فتوفّيت بالمدينة لها صحبة وماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة خمس.
حاله في الجاهلية:
وَكَانَ يكتب بالعربيّة فِي الجاهلية وَكَانَ يحسن العوم والرمي ولذلك سُمِّيَ الكامل وَكَانَ سعد وعدّة آباء لَهُ فِي الجاهليّة يُنَادَى عَلَى أطعُمهم: من أحبّ الشحم واللحم ؛ فليأتِ أُطعُمَ دُليم بن حارثة!
إسلامه:
شهد سعد بيعة العقبة مع السبعين من الأنصار وفي رايتهم جميعاً وكان أحد النقباء الأثنى عشر.
ولعل سعد بن عبادة ينفرد بين الأنصار جميعاً بأنه حمل نصيبه من تعذيب قريش الذي كانت تنزله بالمسلمين في مكة.
ويقول الطفيل: جاء سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو يمتاران لأهل العقبة وقد خرج القوم فنذر بهما أهل مكة. فأخذ سعد وأفلت المنذر قال سعد: فضربوني حتى تركوني وكأني نصب أحمر.. يحمر النصب من دم الذبائح عليه، قال: فخلا رجل كأنه رحمني فقال: ويحك أمالك بمكة من تستجير به؟ قلت: لا، إلا أن العاص بن وائل قد كان يقدم علينا المدينة فنكرمه فقال رجل من القوم: ذكر ابن عمي، والله لا يصل إليه أحد منكم، فكفوا عني، وإذا هو عدي ابن قيس السهمي.
وكان سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة لما أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته
جاء النبي إلى هذه الأمة معلماً لها ومربياً وقد وصفه الله في كتابة بأنه الرؤوف الرحيم ومن مواقفه التربوية لسيدنا سعد بن عبادة ما رواه البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما. قال: " أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن أبناً لي قبض فائتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول إن الله ما أخذ وله ما اعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب".. فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثبت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع قال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول الله ما هذ؟ فقال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباد الرحماء.
ولمّا أُصيب زيد بن حارثة أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله ما هذ؟ قال: هذا شوق الحبيب إلى حبيبه
ولم يقتصر التعليم أو التربية على الإيمان فقط بل امتد إلى أكثر من ذلك فيعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ حذره وذلك لما دعاه رجل من الليل فخرج إليه فضربه الرجل بسيف فأشواه فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده من تلك الضربة ولامه على خروجه ليلا وهذا هو موضع الفقه.
وكان سيدنا سعد بن عبادة من نتاج تربية النبي صلى الله عليه وسلم فقد رباه النبي على العزة وعدم إعطاء الدنية مهما كان الخطب، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن الحزاب قد تكالبوا على المسلمين في غزوة الخندق أراد أن يوهن صفوف المشركين وذلك بمصالحة غطفان على ثلث ثمار المدينة، فأرسل وفداً إلى غطفان يدعوهم إلى ترك مواقعهم والسفر إلى بلادهم وتكون لهم ثلث ثمار المدينة فوافقوا وكتبت بذلك الكتابة وبقى التوقيع على ذلك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيدي الأنصار "سعد بن عبادة وسعد بن معاذ" يستشيرهما في ذلك بصفتهما سادة سكان المدينة وأهل الزروع فيها، فقالا له: يا رسول الله أمراً تحبه فنصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابد لنا من العمل به، أم شيء تصنعه لنا؟ قال "بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء القوم على شرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطعمون أن يأكلون منها ثمره إلا قرى، أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا لهو أعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأنت وذاك" فتناول سد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا.
أهم ملامح شخصيته رضي الله عنه
1ـ شدة غيرته رضي الله عنه:
عن ابن عباس قال: لما نزلت: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا" النور آية 2..
قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: هكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ " قالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة قط فأجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله ـ يا رسول الله ـ إني لأعلم أنها حق، وأنها من الله، ولكني تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى أتى بأربعة شهداء فو الله لا أتى بهم حتى يقضي حاجته!!
2ـ الجود والسخاء:
كان سعد بن عبادة حاله كحال آبائه في الجاهلية في السخاء والكرم وكان مشهوراً بالجود هو وأبوه، وجده، وولده، وكان لهم اطم ينادى عليها كل يوم من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بن حارثة.
وروي: أن سعداً كان له منادياً ينادي على اطمه: من كان يريد شحماً ولحماً فليأت سعداً، وكان سعد يقول: "اللهم هب لي مجدًا ولا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه.
وعن محمد بن سيرين: كان سعد بن عبادة يعشي كل ليلة ثمانين من أهل الصفة.
وكانت جفنه سعد تدور مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه.
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان يبعث إليه كل يوم جفنة من ثريد اللحم أو ثريد بلبن أو غيره.
لقد صار جود سعد في الإسلام آية من آيات إيمانه القوي الوثيق سخره هذا العبد الصلح ذو القدم الوثيق في الإسلام لخدمة دينه وجاهد بماله في الله أعظم الجهاد.
وعن جويريه قالت قيس يستدين ويطعم، فقال أبو بكر وعمر إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه، فمشيا في الناس، فقام سعد عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم "إن الجود لمن شيمة أهل ذلك البيت".
3ـ حدته وشدته:
ويظهر ذلك جلياً في حادث الإفك لما رد على سيدنا أسيد بن الحضير وتشاور الحيان حتى كاد أن يقع بينهم شر إلى أن أسكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4ـ ثباته على رأيه:
ويتضح ذلك في يوم السقيفة. لما هم الأنصار ببيعته ثم بعد ذلك آلت البيعة إلى أبي بكر الصديق فظل ثابتاً على رأيه ولم يبايع أحد إلى أن مات.