س2) ألا ترى أن لجمود النحو دوراً في هذه المشكلة , فعلى سبيل المثال يدرس الطلاب في المعاهد العلمية شرح ابن عقيل ت (769هـ) على ألفية ابن مالك , أليس لربط الطلاب بكتاب ألف في القرن الثامن تعقيد للفصحى ولتدريسها؟ ألا نستطيع أن ندرسهم كتباً حديثة تتماشى مع طرق التدريس المستجدة ؟
ج2) في ذلك حقّ. لكن لا ننس أيضًا أن هناك اجتهادات جيّدة في هذا المجال، ومنذ كتاب "النحو الوافي" لعبّاس حسن، إلى غيره من المحاولات لتحديث كتب النحو، وتسهيلها على الطلبة، لكنها محاولات لا تُطوّر، ولا تفعّل في التعليم، بل قد لا يُفاد منها. وذلك بالرغم من القفزة التقنيّة المعاصرة التي كان يمكن أن يُفاد منها في هذه السبيل. على أن مناهج القواعد النحويّة في المدارس السعوديّة العامّة اليوم تُعدّ جيّدة، إجمالاً، غير أن القصور يكمن في أمرين: المدرّس، والتطبيق. لأن قواعد اللغة وسيلة لاستقامة بناء الجملة، وليست بغاية، ومدارسنا تهمل أهم الجوانب في تعليم ذلك، وهو التطبيق، فتتحوّل القواعد إلى معادلات رياضيّة، قد ينجح فيها الطالب بامتياز، لكنه لا يُحسن قراءة جملةٍ صحيحة أو كتابتها. ثم بعد هذا كلّه، هل نظن أن قواعد اللغات الأخرى أسهل من قواعد اللغة العربيّة؟ ذلك وهم. وإنما الاستهانة العامّة بأهميّة اللغة العربيّة، مع الانفصام بين حياتنا ولغتنا، ورؤية مَن هُم محلّ القدوة لا يأبهون للتخليط في اللغة، هي ما يجعل قواعد نحونا العربي تبدو ضربًا من المعمّيات، والعناية بها نوعًا من الجهد بلا معنى. وإلاّ فإن مستعمل اللغات الأخرى يُخطّأ حتى على الإخلال بمواضع الفواصل والنقاط وسائر علامات التنغيم، ويُدرج ذلك ضِمن القواعد الملتزَمة التي على كلّ مستعملٍ لتلك اللغات تعلّمها. والإنجليزيّة، مثلاً، التي لا يتذمّر أحدٌ من عشّاقها من صعوبة قواعدها، مقارنة بتذمّره من العربيّة، موصوفة بين أهلها بأنها لغة "مجنونة"، وفي بنياتها المختلفة: الأصوات والمفردات والتراكيب، فهي بلا منطق مطّرد في ضوابطها- وهذه حالة مشتركة متفاوتة الدرجات بين اللغات.. ولكنّ العِشق عادةً يطوّع العاشق، ويُمدّه دائمًا بالصبر الجميل على محبوبته، التي "تَأْرَنُ أحيانًا كما أَرِنَ المُهْرُ"!