فرص في رمضان تستحق البذل
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله علية وسلم ..
وبعد :أيها الموحدون كل عام وأنتم بخير ، فهاهو رمضان المبارك لم يعد يحول بيننا وبينه إلاأيامٌ قليلةٌ ،
والناس في شأن رمضان في هذهالأيام منقسمون إلى طوائف ، قسم لا يزال منشغل بالدنيا ، وقسم لا يبالي ، وطائفةمباركة على أهبة الاستعداد ، تعد مقومات النصر والظفر بالخير ، فرمضان أحبتي ما هوإلا فرصٌ ونفحات ، فإما أن تنتهزها فينولك الخير ، وتطولك السعادة ، وإما أن تذهب عنك وتذهب عنها فيكون البئس والغرق في بحارٍمظلمةٍ جلبتها دعوة جبريل عليه السلام وتأمين النبى صلى الله علية وسلم ، كما عند الترمذي وقال : حسن غريب والحاكم ورواه الإمام أحمد وابن حبان وصححهالعلامة الألباني من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أتاني جبريل فقال يا محمد : رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، فقلت : آمين ...)
فرمضان أحبتي فرص يجب على المريد أن يبادرإلى الفوز بها ، والظفر بخيرها ، حتى يكون الفلاح حليفه ، والسعادة مصاحبة له ...فمن فرص رمضان رحمني الله وإياكم ..
1. فرصة تثقيل الميزان رمضان فرصة عظيمة للتزود بالحسنات ،وتثقيل الموازين ، ولما لا وفيه هذه المميزات التي ليست في غيره :
• فالشياطين مصفده :تلك التي كانت تحول بينك وتعوقك عن فعلالخيرات ها هي لعنة الله عليها تسلسل وتغلوتصفد في شهر رمضان ، كما قال صلى الله علية وسلم: ( إذا جاءرمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب الناروصفدت الشياطين ) رواه البخاري ومسلم منحديث أبي هريرة .
• والأجور مضاعفة :كما أن في هذا الشهر تضاعف الأجور ، وتضاعفالحسنات ، ولا يخفى عن الجميع أمر ليلة حكىالله عنها في القرآن هي خيرٌ من ألف شهر ،قا ل تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِيلَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَالَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِخَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُالْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَابِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))
• سهولة العبادة في رمضان والعجيب أن العبادة في هذا الشهر يسيرةسهلة ، فإنك تجد الرجل الذي لم يكن بينهوبين الصلاة صلة ، ولا يقرب المساجد في غيررمضان ، تراه يحافظ على صلاة الفجر ، بل ويصوم ثلاثين يومًا ، بل والأغرب أنه يقيمالليل عبر التراويح ،
فالعبادة في رمضانيسيرة سهلة .لذا فهي أن تنمي رصيدك من الحسنات ، وأنتعلي مقامك في الدرجات ، حتى تنال الرحمة منرب الأرض والسماوات
.2. فرصة مغفرة الذنوب :فما أعظمها من فرصة ، قال صلى الله علية وسلم (من صام رمضانإيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وقال ايضا : ( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًاغفر له ما تقدم من ذنبه ) وفي غير روايةالصحيح ( وما تأخر )وقال : ( من قام ليلة القدر إيمانًاواحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وفي غيررواية الصحيح ( وما تأخر ) .
أعلم أننا كلنا جميعًا سمعنا هذه الأحاديث كثيرًا ، ولكن لماذا لا يتأثر بعض الناس به اوبما تحمله من بشرى بمغفرة الذنوب الماضيةوالباقية ، إن الفرق في اليقين في الله تبارك وتعالى واليقين في الوقوف بين يديه يوم القيامة ، فإن الذي يوقن في لقاء الله تبارك وتعالى لما يسمع هذه البشرى بمغفرةالذنوب ، تأتي ذنوبه نصب عينيه ، ذنوبه التي أوقعها طوال عمره من كذب وغيبة ونميمة ونوم عن صلاة الفجر وسماع للغناء والتدخين ونظرللمحرمات .....
ويتساءل : كيف سألاقي ربي بمثل هذه الذنوب ، بما سأجيب الله عن كذا وكذا ...، فإذا بشر بفرصة لمغفرة تلك الذنوب قام يجري إليها ويقصدها ، خاصة لما يعلم كيف تكون مغفرة الذنب ، إن مغفرة الذنب تكون بستره في الدنيا وعدم المؤاخذة عليه يوم القيامة
، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( يُدنى المؤمن من ربهحتى يضَع عليه كنَفَه ، فيقرِّرُه بذنوبه :تَعْرِفُ ذَنّبَ كذا وكذا ؟ فيقول : أعرف ربِّ، أعرفُ - مرتين - فيقول سترتها عليك فيالدنيا ، وأغْفِرُها لك اليومَ ، ثم تُطوىصحيفةُ حسناته ، وأما الآخرون أو الكفار ،أو المنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق:هؤلاء الذين كَذَبوا على ربهم ، ألا لعنةُالله على الظَّالمين ) رواه البخاري ومسلم
.أما الأخر فإنه لا يفرح بهذه البشرى لأنه غير متيقن بلقاء ربه ، بل يركن إلى الدنياويجعل فتنة الناس كعذاب الله ، والله جل وعلا لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد
.3. فرصة أن ترحم :فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة ... ) رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة
.4. فرصة أن تستقيم حياتك بعد رمضان :فإن الله تعالى جعل من جوائز الصيام الجمة، وفضائله الكثيرة ....التقوى ، والتقوى من أخذها أخذ بحظ وافر ، فالتقوى استقامة حياة، وتقويم منهج ، وتصحيح مسار ، ومنار سبيل ،وميزان لتصحيح الأعمال .وأهل التقوى هم أولياء الرحمن وأهل الفلاح والمغفرة وهم الذين أعدت لهم الجنة
.قال تعالى (: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَاكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْلَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )[ البقرة :183]
.5. فرصة الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم :فرصة أن تحج معه بأبي هو وأمي ، يا منتشتاق للنبي صلى الله عليه وسلم ، فرصة في رمضان أن تحج معهبأبي هو وأمي .فقد قال لامرأة من الأنصار : ( إذا كان رمضان فاعتمري فيه فإن عمرة فيه تعدل حجة )رواه البخاري ومسلم والنسائي وفي غير رواية الصحيحين : ( تعدل حجة معي )عند الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين
.6. فرصة الفوز بالجنة :فإن رمضان إذا جاء فتحت أبواب الجنة ،وغلقت أبواب النار ، بل قال صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنةبابًا يقال له الريان ، فإذا كان يوم القيامة قيل : أين الصائمون ؟ ، فإذا دخلواأغلق عليهم ( وفي لفظ : أغلق فلم يدخل مهم أحد) فيشربون منه فمن شرب منه لم يظمأ أبدًا )رواه البخاري ومسلم والترمذي وقال : حسن صحيح غريب .أين المريدون ؟ ، أين الباحثون عن الجنة؟؟؟؟
.7. العتق من الناروالله إن كانت هذه الفرصة هي وحدها لكفت أننبادر للظفر بها في رمضان ، فرصة أن تعتق منالنار ، التي وقودها الناس والحجارة ، فرصةأن تفر من الزقوم الذي لو قطر منه قطرة على أهل الدنيا لأفسدت عليهم معايشهم ، فرصة أنتهرب من الضريع والصديد والحميم
.قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أهون أهل النار عذابًا لرجلتوضع في أخمص قدميه جمرتان من نار فيغلي منهما دماغه لا يرى أن أحدًا أشد منه عذابًاوإنه لأهون أهل النار عذابًا )
.وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن ناركم التي توقدون جزء منسبعين جزءًا من نار جهنم ) فقال الصحابة :والله يا رسول الله إن كانت لكافية ، قال : (ولكنها فضلت على نار الدنيا بتسع وستينجزءا كلها مثل حرها ) .
فها هي الفرصة تأتيك أن تعتق من كل هذا في رمضان ، فإنه قال : (إن لله عتقاء (أي في رمضان ) في كل يوم وليلة ،