رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية أم حبيبة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) اختلف في اسمها فقيل: رملة وقيل: هند والمشهور رملة وهو الصحيح عند جمهور أهل العلم بالنسب والسير والحديث والخبر.
الهجرة والمحنة:
أسلمت رضي الله عنها قديما بمكة (1) وما أن اشتد الأذى من المشركين علي الصحابة في مكة، فأذن الرسول صلي الله عليه وسلم للمستضعفين بالهجرة إلي الحبشة، فهناجرت أم حبيبة مع زوجها عبد الله بن جحش، فاقد تحملت أم حبيبة أذي قومه، وهجر أهله، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها... وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة جديدة أشد وأقوي، فقد ارتد زوجها عن الإسلام وتنصر، وتقول أم حبيبة ( رضي الله عنها ) " رأيت في المنام كأن زوجي عبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت، فأصبحت فإذا به قد تنصر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به، وأكب علي الخمر حتى مات.
زواج أم حبيبة من الرسول صلي الله عليه وسلم:
علم الرسول - صلى الله عليه وسلم- بما جرى لأم حبيبة، فأرسل إلى النجاشي طالباً الزواج منها، ففرحت أم حبيبة، وصدقت رؤياها، فعهدها وأصدقها النجاشي أربعمائة دينار(3)، ووكلت هي ابن عمها خالد بن سعيد ابن العاص، وفي هذا دلالة على أنه يجوز عقد الزواج بالوكالة في الإسلام. وبهذا الزواج خفف الرسول من عداوته لبني أمية، فعندما علم أبو سفيان زواج الرسول من ابنته رملة، قال: ذاك الفحل، لا يقرع أنفه! ويقصد أن الرسول رجل كريم، وبهذه الطريقة خفت البغضاء التي كانت في نفس أبي سفيان على الرسول- صلى الله عليه وسلم-، كما أن في هذا الموقف دعوة إلى مقابلة السيئة بالحسنة، لأنها تؤدي إلى دفع وزوال الحقد والضغينة و صفاء النفوس بين المتخاصمين.
أهم ملامح شخصيته:
تمتعت أم المؤمنين أم حبيبة بصفات عظيمة جعلت النبي (صلي الله عليه وسلم) يتزوجها، وتنال هذا المكانة والتي تحلم بها كل امرأة ومن هذه الصفات:
1- الصبر والثبات على الحق.فقد تزوجت قبل الإسلام من عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي ثم أسلما معاً وهاجرا إلى الحبشة، وولدت له حبيبة، وبعد مدة تنصر زوجها ومات، وثبتت هي على الإسلام.
2- الموالاة لله ولرسوله فقط ونري ذلك في موثقها مع أبي سفيان، عندما ذهب إلي المدينة سنة ثماني من الهجرة حتى يجدد صلح الحديبية.
فقد خرج أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طوته فقال يا بنيتى ما أدري أرغبت بهذا الفراش عنى أم رغبت بي عنه قالت هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس فلم أحب أن تجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم.(2)
3- الكرم. ونري هذه الصفة واضحة عندما أخبرت أبرهة وهي جارية حبشية كانت تخدم النجاشي أم حبيبة بنبأ الرسالة والتي بعث بها رسول الله يطلب فيها تزويجه من أم حبيبة.
ففرحت أم حبيبة وأعطت الجارية [ أبرهة] سوارين من فضة و خدمتين كانتا في رجليها و خواتيم فضة كانت في أصابع رجليها سرورا بما بشرتها به.
من مواقفها مع الرسول:
ولها مواقف عديدة مع الرسول ( صلي الله عليه وسلم )، فهي زوجته وتحبه أكثر من نفسها وتحرص علي أن تنال العلم والحكمة منه ( صلي الله عليه وسلم )
قالت أم المؤمنين أم حبيبة يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان فقال ( أو تحبين ذلك ). فقلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في الخير أختي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن ذلك لا يحل لي ). قلت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة؟ قال ( بنت أم سلمة ). قلت نعم فقال ( لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي أنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.(4)
وقالت أم حبيبة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) اللهم أمتعني بزوجي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية قال فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودات وأرزاق مقسومة لن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل.(5)