هي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر ابن أسد بن خزيمة. وأمها أميمة عمة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم وكانت زينب بنت جحش رضي الله عنها من المهاجرات الأُول وكانت كثيرة الخير والصدقة وكان اسمها أولا بره فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب وكانت تكنى بأم الحكم قالت عائشة رضي الله عنها ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم أمانة وصدقة. وكانت من سادة النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً رضي الله عنها. تزوجها الرسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه إياها أخوها أبو أحمد بن جحش، وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مئة درهم وكانت قبله عند زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها أنزل الله تبارك وتعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا"
وأولم على زينب بنت جحش بشاة واحدة فكفت الناس قال أنس ابن مالك: ولم نره أولم على امرأة من نسائه بأكثر من ذلك.
من ملامح شخصيتها:
لقد كان زينب بنت جحش صوامة قوامة كثيرة الصدقة تعمل بيدها وتتصدق كما قالت عنها السيدة عائشة وكان يقال لها: أم المساكين. ولما حضرتها الوفاة قالت إني قد أعددت كفني فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بحقوتي فافعلوا. ـ وعن عائشة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه: " يتبعني أطولكن يدا " فكنا إذا اجتمعنا بعده نمد أيدينا في الجدار، نتطاول ; فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب، وكانت امرأة قصيرة، لم تكن - رحمها الله - أطولنا ; فعرفنا أنما أراد الصدقة. <217>
وكانت من صناع اليد، فكانت تدبغ، وتخرز، وتصدق.
ـ وعن برزة بنة رافع قالت لما جاء العطاء بعث عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها فلما دخل عليها قالت غفر الله لعمر لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني قالوا هذا كله لك
قالت سبحان الله واسترت دونه بثوب وقالت صبوه واطرحوا عليه ثوبا فصبوه وطرحوا عليه ثوبا فقالت لي أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي إلى آل فلان وآل فلان من أيتامها وذوي رحمها فقسمته حتى بقيت منه بقية فقالت لها برزة غفر الله لك والله لقد كان لنا في هذا حظ قالت فلكم ما تحت الثوب قالت فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهما ثم رفعت يديها فقالت اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا قال فماتت.
من مواقفها مع النبي صلى الله عليه وسلم:
قالتعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة وأنا ساكتة قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بنية ألست تحبين ما أحب؟ فقالت بلى قال فأحبي هذه قالت فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شيء فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة فقالت فاطمة والله لا أكلمه فيها أبدا قالت عائشة فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى ما عدا سورة من حد كانت فيها تسرع منها الفيئة قالت فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت ثم وقعت بي فاستطالت علي وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه هل يأذن لي فيها قالت فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم إنها ابنة أبي بكر..
وعن جابر قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته منها ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم "إن المرأة تقبل في صورة شيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله فإنه يضمر ( أي يضعفه ويعلله ) ما في نفسه ".
وعن صفية بنت حيي أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه فبرك بصفية جملها فبكت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه فجعل يمسح دموعها بيده وهي تبكي وهو ينهاها فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فلما كان عند الرواح قال لزينب بنت جحش: " افقري أختك جملا " - وكانت من أكثرهن ظهرا - فقالت: أنا أفقر يهوديتك فغضب صلى الله عليه وسلم فلم يكلمها حتى رجع إلى المدينة ومحرم وصفر فلم يأتها ولم يقسم لها ويئست منه فلما كان ربيع الأول دخل عليها فلما رأته قالت: يا رسول الله ما اصنع قال: وكان لها جارية تخبئها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: فلانة لك. قال: فمشى النبي صلى الله عليه وسلم إلى سريرها وكان قد رفع فوضعه بيده ورضي عن أهله.