[right]أسامة بن زيد
مقدمة
هو أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، كان أبوه مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكنى أسامة: أبا محمد وقيل: أبو زيد وقيل: أبو يزيد وقيل: أبو خارجة وهو مولى رسول الله من أبويه وكان يسمى: حب رسول الله.
ولد رضي الله عنه بمكة سنة 7 قبل الهجرة ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى ولم يدن بغيره، وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان رسول الله يحبه حبا شديدا وكان عنده كبعض أهله.
وأمه هي أم أيمن واسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وكان زيد بن حارثة لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوّجه أم أيمن بعد النبوة فولدت له أسامة بن زيد.
زواجه رضي الله عنه:
عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لكِ علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: ليس لك عليه نفقة فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدّى عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنينى، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد فكرهته، ثم قال انكحي أسامة فنكحته، فجعل الله فيه خيرا واغتبطتُّ - والغبطة هي الفرَح والسُّرُور وحُسْن الحال -.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:
في العام السادس من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وُلد لأمّ أيمن أسامة بن زيد، فنشأ وتربى رضي الله عنه وأرضاه في أحضان الإسلام ولم تنل منه الجاهلية بوثنيتها ورجسها شيئًا، وكان رضي الله عنه قريبًا جدًا من بيت النبوة، وملازمًا دئمًا للنبي صلى الله عليه وسلم ففي مسند الإمام أحمد عن أسامة بن زيد قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي كان يركب خلفه - بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها قال فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى، ومن ثَم كان تأثره شديدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبًا شديدًا ففي البخاري بسنده عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن فيقول: "اللهم أحبهما فإني أحبهما"
بل وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بحبِّ أسامة بن زيد رضي الله عنه فعن عائشة قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة"، كان نقش خاتم أسامة بن زيد: (حب رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وقد زوّجه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وفي هذا الأمر ما فيه من العفة والطهارة وراحة النفس، والتفرغ لنصرة الإسلام، فهي تربية عالية من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرسول صلى الله عليه وسلم يوصي به الصحابة رضي الله عنهم:
عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي أو من أحب الناس إلي وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا".
أتشفع في حد من حدود الله؟!
روى البخاري بسنده عن عروة بن الزبير أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه قال عروة فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتكلمني في حد من حدود الله قال أسامة استغفر لي يا رسول الله فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت قالت عائشة فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
في هذا الموقف العظيم يعلّمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بل والأمة كلها درسًا عمليا في غاية الأهمية والخطورة وهو عدم المحاباة أو الكيل بمكيالين فكل الناس سواء القوي والضعيف، الحاكم والمحكوم، الجميع يُطبّق عليهم شرع الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"
أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟!!
في البخاري بسنده عن أبي ظبيان قال سمعت أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
وفي رواية فقلت: " أُعطِى الله عهدًا أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله".
وقد انعكس أثرهذا الموقف على أسامةَ رضي الله عنه بطول حياته وعرضها وتأثر به تأثرًا شديدًا وظل وفيًا بهذا العهد إلى أن لقي الله سبحانه وتعالى.
ولم يبايع أسامة رضي الله عنه عليًا ولا شهد معه شيئا من حروبه؛ وقال له: لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إلا الله.
وفي البخاري بسنده عن حرملة - مولى أسامة بن زيد - قال: أرسلني أسامة إلى علي وقال: إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ولكن هذا أمر لم أره - أي لم يكن لي فيه رأي -