[right]عبد الله بن رواحة
مقدمة
هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي
ويكنى أبا محمد وقيل: أبو رواحة. وقيل: أبو عمرو
وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة من بني الحارث بن الخزرج أيضا..
حاله في الجاهلية:
وكان ابن رواحة رضي الله عنه، كاتبا في بيئة لا عهد لها بالكتابة الا يسيراً وكان شاعرا، ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا..
ومنذ أسلم، وضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام..
قصة إسلامه: وُلد سيدنا عبد الله في مدينة يثرب في الحجاز، وقد صار اسم هذه المدينة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليها: المدينة المنوّرة، وأسلم عبد الله على يد الداعية العظيم مصعب بن عُمير رضي الله عنه، وعندما هاجر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنوّرة، صار سيدنا عبد الله بن رواحة شاعر الرسول صلى الله عليه وسلّم، يلازمه، ويمدحه، ويشيد بالإسلام ومبادئه السامية، ويردّ على شعراء المشركين، وكان يدعو إلى الله تعالى بكل ما أوتي من قوة، وكان إذا رأى واحداً من إخوانه، يمسك بيده، ويجلسه إلى جانبه، ويقول له: اجلس بنا يا أخي نؤمن ساعة.
وبايع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة الأولى والثانية، وكان واحدا من النقباء الذين اختارهم الرسول الكريم.
أثر الرسول في تربيته:
عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مستخفيا من كفار قريش مع الوفد القادم من المدينة هناك عند مشترف مكة، يبايع اثني عشر نقيبا من الأنصار بيعة العقبة الأولى، كان هناك عبدالله بن رواحة واحدا من هؤلاء النقباء، حملة الاسلام الى المدينة، والذين مهدّت بيعتهم هذه للهجرة التي كانت بدورها منطلقا رائعا لدين الله، والاسلام..
وعندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبايع في العام التالي ثلاثة وسبعين من الأنصار أهل المدينة بيعة العقبة الثانية، كان ابن رواحة العظيم واحدا من النقباء المبايعين...
وبعد هجرة الرسول وأصحابه الى المدينة واستقرارهم بها، كان عبدالله بن رواحة من أكثر الأنصار عملا لنصرة الدين ودعم بنائه، وكان من أكثرهم يقظة لمكايد عبد الله بن أبيّ الذي كان أهل المدينة يتهيئون لتتويجه ملكا عليها قبل أن يهاجر الاسلام اليها، والذي لم تبارح حلقومه مرارة الفرصة الضائعة، فمضى يستعمل دهاءه في الكيد للاسلام. في حين مضى عبدالله بن رواحة يتعقب هذا الدهاء ببصيرة منيرة، أفسدت على ابن أبيّ أكثر مناوراته، وشلّت حركة دهائه..!!
ولقد كان لتربية الرسول صلى الله عليه وسلم أثراً واضحاً وملموساً في حياته فإذا أمره سارع ونفذ وإذا نهاه عن أمر اجتنبه وتركه فروي أن عبد الله بن رواحة أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول: اجلسو. فجلس مكانه خارجا من المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله". ومن أثر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ما يرويه دابر بن عبد الله، قال: كنت رفيق عبد الله بن رواحة في غزوة المريسيع، فاقبلنا حتى انتهينا إلى وادي العقيق في وسط الليل فإذا الناس معرسون. قلنا: فأين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: في مقدم الناس، قد نام فقال لي عبد الله بن رواحة: يا جابر، هل لك بنا في التقدم والدخول على أهلنا؟ فقلت: يا أبا محمد، لا أحب أن أخالف الناس، لا أرى أحداً تقدم. قال ابن رواحة: والله، ما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقدم. قال جابر: أما أنا فلست ببارح. فودعني وانطلق إلى المدينة، فأنظر إليه على ظهر الطريق ليس معه أحد، فطرق أهله بلحارث بن الخزرج، فإذا مصباحٌ في وسط بيته وإذا مع امرأته إنسانٌ طويل، فظن أنه رجل، وسقط في يديه وندم على تقدمه. وجعل يقول، الشيطان مع الغر، فاقتحم البيت رافعاً سيفه، قد جرده من غمده يريد أن يضربهما. ثم فكر واذكر، فغمز امرأته برجله فاستيقظت فصاحت وهي توسن، فقال: أنا عبد الله، فمن هذا؟ قالت: رجيلة ماشطتي، سمعنا بمقدمكم فدعوتها تمشطني فباتت عندي. فبات فلما أصبح خرج معترضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه ببئر أبي عتبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسير بين أبي بكر وبشير بن سعد، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بشير فقال: يا أبا النعمان. فقال: لبيك. قال: إن وجه عبد الله ليخبرك أنه قد كره طروق أهله. فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله: خبرك يا ابن رواحة. فأخبره كيف كان تقدم وما كان من لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تطرقوا النساء ليلاً. قال جابر: فكان ذلك أول ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال جابر: فلم أر مثل العسكر ولزومه والجماعة، لقد أقبلنا من خيبر، وكنا مررنا على وادي القرى فانتهينا إلى الجرف ليلاً، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تطرقوا النساء ليلاً.
كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يترك موقفاً أوحدثاً يمر على أصحابه دون أن يربيهم أو يعلمهم فيقول ابن عباس: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه وقال: أتخلف فأصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ألحقهم فلما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رآه فقال: ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال: أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم فقال: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت فضل غدوتهم.
أهم ملامح شخصيته
كان عبد الله بن رواحة ممن انعم الله عليهم بالجهاد بالسيف واللسان فهو الذي جاهد مع النبي في بدر وأحد وحفر الخندق مع الصحابة وبايع بيعة الرضوان وكان أحد القواد الثلاثة في غزوة مؤتة التي استشهد فيها. وكما جاهد بسيف جاهد بلسانه فكان شعره سيفاً مصلتاً على رقاب المشركين ولا يقل أهمية عن السيف في المعركة.
وكان يحمل سيفه وشعره في كل الغزوات: فكان يقول:
خلُّوا بني الكفار عن سبيله ***** خلوا فكل الخير في رسوله
واستخلفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المدينة حين خرج إلى غزوة بدر الموعد، وبعثه في سرية في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رازم اليهودي بخيبر، فقتله.
وكان عبد الله بن رواحة صواماً قواماً فيقول أبو الدرداء: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته في حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه أو كفه على رأسه من شدة الحر ما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. وتزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فسألها عن صنيعه فقالت كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك.
وكان عادلاً ورعاً ذا أمانة يخاف الله ويتقه فعن سليمان بن يسار:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر قال فجمعوا له حليا من حلي نسائهم فقالوا له هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم فقال عبد الله بن رواحة يا معشر اليهود والله انكم لمن ابغض خلق الله الي وما ذاك بحاملي على ان أحيف عليكم فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض.