بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى كل شاب وإلى كل فتاة ....
رسالة إلى كل رجل وإلى كل امرأة ..
فطر الخالق جلّ جلاله بني آدم وبناته على العفاف وحب التستّر ومواراة العورات عن الناس ، وجعل اللباس زينة وستراً ووقاية .
تأمّل معي أيها الحبيب قول الله تعالى في إثبات ذلك الخلق السامي : (( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلّهم يذّكّرون (26) يا بني آدم لا يفتننّكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (27) وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون )) ] الأعراف : 26- 28 [ .
فهذا آدم وزوجه خلقهما الله تعالى مستورين ، وفطرهما منذ اللحظة الأولى على حب الستر ، وكراهية كشف العورة كما جاء في سياق الآيات الكريمات المذكورات آنفاً .
وهذه الآيات التي قد جاءت قبلها في نفس السورة حيث يقول جلّ وعلا : (( فدلاّهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ... )) ] الأعراف : 22 [ .
فانظر – حماك الله – كيف أخذ آدم عليه السلام وزوجه ينزعان ورق الجنة فيجعلانه على سوءاتهما كما جاء عند الشوكاني في فتح القدير في تفسير هذه الآية .
فيا سبحان الله من هؤلاء البشر الذين ينزعون لباسهم ويكشفون عوراتهم للقاصي والداني ! ، ليلاً ونهاراً ! ، سرّاً وجهاراً ! ، على الملأ من الناس ، وعلى شاشات الفضائيات الملعونة ! ، وعلى مواقع الإنترنت الملغومة ! ، وعلى صفحات المجلات المسمومة !! . فيا ويلهم ، ويا خسارتهم ، ويا فضيحتهم من الجبّار المنتقم ، حين انحرفت فطرتهم ، وماتت غيرتهم ، واعتقل حياؤهم ، وتردّت مشاعرهم ، فرأوا الرذيلة شهرةً ، والخنا سروراً ، والباطل فخراً ، والفواحش متعةً !!! ولا حول ولا قوّة إلا بالله .
لقد شذّ هؤلاء عن هذه الفطرة السليمة ، والعادة الحكيمة ؛ لأنها أصبحت عندهم منتكسة ، وموازين الحق عندهم مقلوبة ، حتى أصبحوا يدعون غيرهم إلى باطلهم ، ويعدون ذلك نوعاً من الحريّة الشخصية ، وانفتاحاً على العالم الخارجي ، وضرباً من ضروب التطوّر الحضاري ، حتى ألقى بهم في الحظيرة . فهم يأمرون بالباطل والفحشاء ، وينهون عن العفّة والنقاء ، يهوون الرذيلة ، ويمقتون الفضيلة ، يعشقون الردى ، ويزهدون في الهدى ، يكافحون من أجل الحصول على شهوةٍ عابرةٍ ولذّةٍ ماكرة ، يُرضون بها شياطينهم ، ويداعبون بها أهواءهم ، ويدغدغون بها عواطفهم ، يظنون أنهم بهذا يطفئون لهيب نار شهواتهم المشتعلة في صدورهم ، وما عرفوا أنهم بحماقتهم قد أشعلوها ، وبانغماسهم في دروب العشق والغرام والميوعة والهيام أجّجوها ، وبمواقعة الزنا والفحش وقبيح الفعال أنهكوها !!! .
وياليتهم قصروا الرذيلة على أنفسهم الضعيفة ، بل يا ليتها لم تغادر بيوتهم ودور دعارتهم ! لكنها ويا للأسف تطاوَلَ شرّها ، وذاع صيتها ، وبلغ مداها الآفاق حتى إنها عبرت القارّات بلا جمركة ولا تعرفة ولا مراقبة ولا جوازات .
فلم يكد يسلم بيت من بيوت المسلمين إلا وقد اقتحمته شظاياها ، هذا إن لم تكن بذرت فيه بذرة السوء ؛ لتثمر الحنظل في أرجاء المنزل ليترعرع أصحابه في جنباتها ، ويستظلّون بظلّها الذي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قِبَلِه العذاب .
فصار الترغيب في الرذيلة دينهم ، والدعوة إلى مقارعة الشهوات منهجهم ، وإثارة الغرائز طريقتهم ، وإشعال نار الفتنة سبيلهم ، فلم يسلم شابّ ولا فتاة ، ولا رجل ولا امرأة ؛ بل وحتى الرجل الكبير والمرأة العجوز ، وصغار السنّ لم يسلموا من سمومهم فوقعوا في شراكهم ، وهُزموا أمام إغراءاتهم !! إلا من رحِمه الله تعالى وعَصَمَه .
فأين هم من قول يوسف عليه السلام حينما قالها بكلّ قوّة وشجاعة وبلا تردّدٍ أو ميوعة ( معاذ الله ) ؟ . وأبَى عليه السلام للانهزام أمام شهوات نفسه ، وتسويل الشيطان ، وإغراء المنحلاّت من النساء ، حينما قال داعياً وملتجئاً إلى مفرّج الكُرُبات : (( قال ربِّ السجنُ أحبّ إليّ مما يدعونني إليه وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصبُ إليهنّ وأكن من الجاهلين(33) فاستجاب له ربّه فصَرَفَ عنه كيدهنّ إنه هو السميع العليم )) ] يوسف : 33-34 [ .
فلمّا استعان بالله تعالى في تخليصه من الفاحشة التي توفّرت جميع دواعيها ، وأحاطت به من كلّ جانب ، ودعاه صادقاً نجّاه الله تعالى منها ؛ ليس هذا فحسب ؛ بل أظهر براءته ونزاهته للعَيَان . وأين اليوسفيون الذين ينتهجون نهج هذا النبيّ الكريم ، والشابّ العفيف ، والفتى الحصين ، والمؤمن القوي ؟ أين من يقول لأصحاب الرذيلة بكلّ قوّته وبأعلى صوته ( معاذ الله ) ؟ أين من يصرخ في وجوه الفَسَقَةِ والفَجَرَة وتجّار الأعراض قائلاً ( معاذ الله ) ؟
أين من ترُدّ المعاكس ، والمراوِغ ، والمحتال من الذئاب البشرية ، الذين يتصيدون أعراض المسلمات العفيفات ؛ ليشبعوا غرائزهم الفالتة ، ولا همّ لهم بما يحدث لها بعد ذلك ؛ بل لا يهمّهم هتك دينها وعرضها وفضيحتها ؛ لأنهم قد أعمتهم شهوتهم الجامحة .
واعلمي يا أخيّتي أن هؤلاء الشرذمة من البشر لا يَصدُقُون أبداً ، ولا ذمّة لهم إطلاقاً ، ولو حلّوا ألسنتهم بالكلام المعسول ، وتظاهروا بالعفوية والبراءة ، فهم إنما يريدون تحقيق مآربهم الخبيثة ، والوقيعة بكِ فحسب . فقولي لهم حرسك الله بلسان الحال أو المقال ولمن على شاكلتهم وبكلّ خشونة ( معاذ الله ) ؟ .
إياكي أن تقعي بها مهما أراد وكم بذل
أفلام عهر أو مجلات بها سر الخلل
وصديقة السوء التي ترميكِ في وسط الوحل
جرح العفاف أخيتي مهما تداوى ما اندمل
فكلي أمورك بالإله الحق خالقنا الأجل
ما ضاع يا أختي الذي بإلهنا الهادي اتّكَل