[right]
نسيبة بنت كعب المازنية الأنصارية
- رضي اللــــه عنهــا -
نسب أم عمارة وفضلها
هي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار ، وهي أنصارية من بني مازن ، وكنيتها أم عمارة .
وهي أم لحبيب وعبد الله ابني زيد بن عاصم
ولما ظهر الإسلام أسلمت وبايعت وشهدت أحداً والحديبية وخيبر وحنينا ً وعمرة القضاة ويوم اليمامة ، وبيعة الرضوان .
زواجهـــا
كانت تحت وهب الأسلمي ، فولدت له حبيب ، ومات وهب فتزوجها زيد بن عاصم المازني فولدت له عبد الله ، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب ، وفي رواية تزوجها غزية بن عمرو المازني بعد ممات زيد .
روايتها للأحاديث ورواية الصحابة (( عنها ولها ))
روت أم عمارة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدة أحاديث منها
" الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة "
ورواه لها أبو نعيم في كتاب الحلية
والحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نحر بدنة قياما ً وقال : (( رحم الله المحلقين ))
فإن ابن منده وأبو نعيم لم ينسباها ، بل قالا : أم عمارة بنت كعب الأنصارية .
وروى عنها ابن ابنها عباد بن تميم بن زيد والحارث بن عبد الله بن كعب ، وعكرمة مولى ابن عباس أنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: (( ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرون )) .
فنزل قوله تعالى : [[ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ]] .. {35}
الأحزاب .. الآية 35
وروى لها الترمذي والنسائي وابن ماجة
مواقفها العظيمة في المعارك
في معركة أُحــد
قال الواقدي : شهدت أم عمارة أحدا ً ، مع زوجها غزية بن عمرو ، ومع ولديها حبيب وعبد الله . خرجت تسقي ، ومعها الشن ( أي : القربة الخلق ) وقاتلت وأبلت بلاءً حسنا ً وجُرحت اثني عشر جرحا ً . وكان ضمرة بن سعيد المازني يُحدث عن جدته ، وكانت قد شهدت أُحدا ً وقالت : [[ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( لمُقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان )) ]] .. ا.هـ.
وكانت تراها يومئذ تُقاتل أشد القتال ، وإنها لحاجزةٌ ثوبها على وسطها حتى جُرحت ثلاثة عشر جُرحا ً ، وكانت تقول : (( إني لأنظر إلى ابن قئمة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها ؛ فداوته سنةَ , ثم نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حمراء الأسد ؛ فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم - رضي الله عنها ورحمها - .
وأتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمروط فكان فيها مرط جيد واسع فقال بعضهم : (( إن هذا المرط لثمنه كذا وكذا ، فلو أرسلت به إلى زوجة عبد الله بن عمر صفية بنت أبي عبيدة )) .
وقال أحدهم : (( ابعث به إلى من هو أحق به منها ، أم عمارة نسيبة بنت كعب فقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم أُحد : (( ما التفت يمينا ً ولا شمالا ً إلا وأنا أراها تقاتل دوني )) فبعث به إليها .
بيعة العقــبة
عن محمد بن إسحاق قال : (( وحضرت البيعة امرأتان قد بايعتا , إحداهما نسيبة بنت كعب ، وكانت تشهد الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، شهدت معه أُحدا ً وخرجت مع المسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خلافة أبي بكر في الردة ، فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله مسيلمة ، ورجعت وبها عشر جراحات من طعنة وجرحة .
حرب اليمامة
شهدت أم عمارة قتال مسيلمة باليمامة ، وذلك لما بعث خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى اليمامة جاءت إلى أبي بكر الصديق فاستأذنته للخروج فقال : (( قد عرفنا بلاءك في الحرب فاخرجي على اسم الله ))
وأوصى خالد بن الوليد بها وكان مستوصيا ً بها ، وقد جاهدت باليمامة أجل جهاد ، وجرحت أحد عشر جرحا ً وقطعت يدها وقُتل ولدها . ومن هنا نلاحظ ثقة أم عمارة بنفسها وحبها للجهاد ، إلى جانب الأثر الذي تركته أم عمارة في نفوس الصحابة .
أم عمـــارة .. من المبشرين بالجنــة
لما أقبل ابن قميئة - لعنه الله - يريد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت أم عمارة ممن اعترض له ، فضربها على عاتقها ضربة صارت لها فيما بعد ذلك غورٌ أجوف ، وضربته هي ضربات فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لمُقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مُقام فلان وفلان )) .
وقال : (( ما التفت يمينا ً ولا شمالا ً إلا وأنا أراها تقاتل دوني )) .
وقال لابنها عبد الله بن زيد : (( بارك الله عليكم من أهل بيت ؛ مقام أمك خيرٌ من مقام فلان وفلان ، ومقام رَيبك - أي زوج أُمه - خيرٌ من مقام فلان وفلان ، ومقامك خيرٌ من مقام فلان وفلان ، رحمكم الله أهل بيت )) .
قالت أم عمارة : (( أدعُ الله أن نُرافقك في الجنة )) .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة )) .
فقالت: (( ما أُبالي ما أصابني من الدنيا )) .. اللهم اجمعنا وإياهم في الجنة ، اللهم آمين
وفــاتها رضي الله عنها
توفيت أم عمارة - رضي الله عنها - في خلافة عمر - رضي الله عنه - عام 13 هـ ( أي : ما يقارب 634 م )
الخــــــــاتمة
تعد أم عمارة - رضي الله عنها - الصحابية الجليلة الفاضلة المجاهدة الشجاعة شخصية نادرة بين النساء قديما ً وحديثا ً ، فهي أهل للاقتداء بها ؛ لما فيها من مميزات امتازت بها عن نساء عصرها وميزها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شجاعة وصبر واحتساب الأجر من الله تعالى ، إلى جانب زهدها وعبادتها وحبها الشديد لله ورسوله ، فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفوز بالجنة ، ولا يكون ذلك إلا عندما يفوز المرء برضوان الله تعالى ومن ثم رضوان أشرف الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعنا وإياكم بما علمنا ويلهمنا رشدنا ويسدد خطانا ، إنه هو سميع مجيب الدعاء .